حين لا نفهم أبانا
دانيئيل يونس وياعيل شاليڤ-ڤيـﭼيسير | 02.08.2020 | تصوير: صورة شاشة من برنامج "حداشوت هَلايْلا" ("الأخبار الليليّة") في قناة " كانْ 11"، 24.06.2020
في أيّار المنصرم (2020)، صدر كتاب شلومو الكردي وأنا والزمن ضمن سلسلة "مكتوب" في ڤان لير. هذه الرواية ألّفها سمير نقّاش، الذي يُعتبر من كبار الأدباء اليهود العراقيّين في القرن العشرين، والذي لم يكتب إلّا باللغة العربيّة، وذاك ما حالَ دون قراءة كتاباته؛ إذ لم يقرأها اليهود الإسرائيليّون (لأنّها كُتبت بالعربيّة)، ولا قرأها العرب (لأنّ كاتبها يهوديّ). حتّى أولاد نقّاش لم يقرأوا كتاباته باللغة الأصليّة التي كُتِبت بها. هذه أولى روايات نقّاش التي تترجَم إلى العبريّة، وقد قامت بترجمتها أختاه سميرة يوسيف وروت نقّاش- ڤيـﭼيسير (استمِعوا إلى مقابلة معها في "حداشوت هَلايْلا"، في تاريخ 24.6.2020، بدءًا من الدقيقة 19:09).
قال الـﭘروفيسور يهودا شنهاﭪ-شهرباني في مقابلة أجريت معه ومع تسيون نقّاش ابن سمير في برنامج "كانْ تَرْبوت" (4.6.2020، بدءًا من الدقيقة 33:17) إنّ أهمّيّة إصدار الكتاب بالعبريّة تكمن في تمكين الجمهور الإسرائيليّ من التعرّف على قامة سمير نقّاش الأدبيّة الشامخة، والذي يعتبره البعض "بشيڤيس زينـﭼير الطوائف اليهوديّة الشرقيّة". وقال تسيون نقّاش إنّه يشعر بفخر واعتزاز فائقَيْن لأنّه تربّى في حضن كاتب كبير كسمير نقّاش، وإنّ البيت الذي ترعرع فيه كان يعجّ بالباحثين والأدباء ومحبّي الأدب من أرجاء العالم العربيّ كافّة. على الرغم من ذلك، يأسف تسيون لأنّه -كسائر أفراد العائلة-لم يفهم اللغة العربيّة، وهو ما تولّدت عنه فجوة كبيرة. قراءة كتاب أبيه للمرّة الأولى، بعد إصداره باللغة العبريّة، وفّرت له تجربة وجدانيّة بالغة الأثر.
شكّل إصدار الكتاب فرصة رائعة للتحدّث عن العربيّة بوصفها لغة تمدّ الجسور بين الشعوب، ولاستخدام الكتاب كمنظور لقضيّة اليهود الشرقيّين في إسرائيل الذين عاشوا حالة من التوتّر بين ماضيهم وموروثِهم العربيّ، من جهة، والصراعِ (العربيّ _ الإسرائيليّ) والقرب من العالم الغربيّ والثقافة الغربيّة، من جهة أخرى. يمكن بواسطة اللغة العربيّة فهم المنطقة وشعوبها، وتعزيز روابط بين اليهود والعرب ترتكز على الاعتراف والتفهّم والتعاطف.
يعمل في ڤان لير مشروعان يتناولان اللغة العربيّة تناولًا مباشرًا: مجموعة المترجمين التي ينشط فيها مترجمون ومحرّرون وباحثون أدبيّون من اليهود والعرب، يرون أنّهم ينفّذون عملًا تأسيسيًّا ونشاطًا ثقافيًّا وسياسيًّا من خلال الكلمات؛ ومجموعة اللّغة العربية وتحدّيات الفكرالتي تسعى إلى استكشاف طرائق تستطيع اللغة العربيّة من خلالها العمل كناقلة للحكمة بين الثقافات، وكوسيلة لتشجيع التفكير الثاقب والعميق، ولا سيّما على ضوء الحالة الاستعماريّة الراهنة.