تصدر جبل ميرون (الجرمق) العناوين مؤخّرا بسبب الكارثة التي حصلت في احتفالية لاغ بَعومير. هذه الكارثة أثارت مجموعة من الأسئلة: ماذا نعرف عن الجبل وعن أهمّيته في الأيام العادية بالنسبة لجهات مختلفة في المجتمع الإسرائيلي؟ كيف تبدو التحضيرات والاستعدادات لاحتفالية لاغ بَعومير في السنوات الأخيرة، وكيف جرى التعامل معها قبل حصول الكارثة؟ ما هي جذور الخلاف حول ملكيّة الجبل، وهل يتوجب على دولة إسرائيل أن تصادر الأرض هناك؟

في تاريخ 8.7.2021 ستعقد في المعهد ندوة مسائية بعنوان "على ضوء الكارثة في ميرون"، وبهذه المناسبة نذكّر بالمحاضرات التي عقدت في المعهد في العام 2015 بالتعاون مع "داعَت همَكوم" في مؤتمر جاء بعنوان "ميرون-لمن تعود ملكية المكان؟". الصراعات والمصطلحات المرتبطة بجبل ميرون نوقشت وبحثت على نحو عميق في عدد من المحاضرات، حتى في الأيام التي لم يتصدر فيها الجبل عناوين نشرات الأخبار. توفر هذه المحاضرات فرصة للتفكير بالأحداث الأخيرة، من خلال الاطلاع والدراسة ومعاينة الأمور من وجهات نظر جديدة. تستطيعون مراجعة الأسئلة التي تطرح عند حصول الكارثة مقابل الأسئلة التي تطرح في الأيام العادية، وما الذي تغير (أو لم يتغير) في تفكيرنا حول مكان معيّن عندما يصبح السياق الذي يذكَر فيه مشحونا.

الجلسة الأولى، "ميرون-قضايا وعناوين رئيسية" تعرض أهميّة الجبل على امتداد التاريخ، وتصف ما يحصل فيه في الأيّام العادية. يناقش البروفيسور إلحانان راينر لحظة تحديد جبل ميرون كمكان مقدس بدءا من القرن الخامس للميلاد، ويستعرض التحوّلات التي طرأت على الاحتفالات، وعلى نوعيّة الناس الذين يحجّون إلى ميرون على امتداد السنين. بدوره يستعرض البروفيسور دورون بار التحولات التي طرأت على احتفالات لاغ بَعومير في جبل ميرون منذ السنوات الأولى لقيام إسرائيل، وفي خمسينيات وستينيات القرن العشرين. يتحدّث الحاخام شلومو شلوش (وهو مدير موقع "راشبي" (الراب شمعون بار يوحاي) في ميرون) عن النشاط في الموقع خلال لاغ بَعومي،ر وكذلك طيلة أيام السنة، ويشير هو الآخر إلى عدد من التغييرات التي حصلت في المكان في العقود الأخيرة.

تسلط الجلسة الثانية "ميرون، والوقفيات وسلطات الدولة" الضوء حول الأبعاد القانونية للسيادة على جبل ميرون، إذ يستعرض المحامي إيرز كمينيتس قضية ملكية جبل ميرون، ويشرح ما هي الوقفياّت، ويعرض ادعاءات مؤيدة وأخرى معارضة لمصادرة الأرض ونقلها إلى ملكية الدولة. يعرض السيد يوسف هيرش من مكتب مراقب الدولة تقارير مراقب الدولة التي صدرت حول جبل ميرون في الأعوام 2008، وَ 2011 وَ 2014، والتغييرات التي نفذت (وتلك التي لم تنفذ) على ضوئها. أما الحاخام ماتيتيا شريم، رئيس الوقف السفرادي الذي يدير الوقف منذ سبعة عشر جيلا فيصف الاستعدادات التي تنفّذ قبيل الاحتفالية، والعلاقات مع الشرطة وجهات رسمية أخرى.

تشمل الجلسة الثالثة "الاحتفالية وترتيباتها" محادثتين مع ضابطين مرموقين في الشرطة حول الاستعدادات السنوية لأحداث لاغ بَعومير، فيتحدث الضابط ميخا طوبول عن استعدادات الشرطة للحدث الأكبر الذي يجري في الدولة حول سبل التعامل مع الاكتظاظ الشديد، ويتحدّث المفتش إيلان مور حول ترتيبات السير في جبل ميرون خلال الاحتفالية، ويناقش التحديات التي تفرضها الاحتفالية وحول التعاون مع وزارة المواصلات.

المشهد التي يطل عليه جبل ميرون في اتجاه جنوب الشرق. تصوير Ori~

أما الجلسة الأخيرة فستكون بعنوان "ميرون وتسيون، التخطيط والحفظ على الموروث"، ويتحدث فيها معماريان يقومان بشرح مخطّط الموقع وطريقة بنائه. يعرض المعماري عران ميبل الصعوبات التي تقترن بتخطيط الموقع، بدءا من صعوبة تقدير عدد الزائرين الذين يصلون إلى الموقع سنويا، ومرورا بالنقص في تراخيص البناء، ووصولا إلى التحديات التخطيطية التي تفرضها احتفالات لاغ بَعومِير.

أما المعماري أوري ميروسلافسكي فيتحدث عن إشكاليات ملاءَمة بناية قديمة للاحتياجات الآنية، ويذكّر بعدد من المطالب الخاصّة التي اضطر المعماريون إلى التعامل معها، كبناء ممر منفصل للنساء، وممر إضافي للكهنة. يطرح ميروسلافكي أحد التحديات الجوهرية المتعلقة بجبل ميرون، من خلال حكاية الولد التي وضع إصبعه في ثقب السد: "ليس ثمة يد، ولا صخرة توقف فيضان الناس التي تتوافد إلى مكان ديني. لا توجد قوة على الأرض تستطيع القيام بذلك".

استمرارا لحكاية الإصبع في السد، وفي كلماته الاختتامية يتساءل البروفيسور يورام بيلو حول ما إذا توفّرت إمكانية ما للوصول إلى ترتيبات في ميرون، ويدّعي أن ثمة "توتر واضح في الجبل بين غياب النظام والنظام". يصف بيلو الحماسة الدينية التي تحصل في المكان، ويدّعي أن "الحج بطبيعته يشكل غيابا للنظام، وفق جميع التعريفات تقريبا". لذا يتميز المكان بحسب بيلو بالجدلية بين النظام والفوضى، كما ذكر في مقالته التي نشرت بعد ذلك في صحيفة هآرتس (4.5.21) "حتى المقر القيادي الأكثر نجاعة لا يستطيع التعامل مع الضغوطات النابعة من الانجذاب الصوفي الانتشائي من قبل المؤمنين إلى المكان المقدس".

إذا، ما هي العلاقات في الدولة الحديثة بين القدسية الدينيّة والسيادة العلمانية؟ ما هو مدلول معارضة ميرون والحج إليه، وهي معارضة برزت على نحو خاص بعد الكارثة التي حصلت في المكان؟ وهي يمكن التفكير بالمجتمع الإسرائيلي بمنأى عن مكان مقدس؟

ستطرح هذه الأسئلة في الندوة المسائية في تموز 2021 من منظور ما بعد الكارثة.

تصوير: رقص في ساحة مَدفن الراشبي، صباح لاغ بعومير، 2016 Netanel h, Attribution-Share Alike 4.0 International.