عشرون عامًا على جدار الفصل: صُوَر أَلِكْس ليڤاك
هيئة تحرير الموقع | 12.06.2023 | تصوير: أَلِكْس ليڤاك
مضى عشرون عامًا على قرار بناء جدار الفصل. وهو جدارٌ فصلَ واقعًا حياتيًّا إلى واقعَيْن؛ واقع لكلّ شعب. بالنّسبة لمعظم الإسرائيليّين، يدور الحديث عن حدث أصبح في عِداد الماضي، وفي طيّ النسيان تقريبًا. مكّن بناء الجدار، والتعاون الأمنيّ مع السلطة الفلسطينيّة الذي رافق ذلك، الكثيرَ من الإسرائيليّين من دفع الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ إلى أعماق اللاوعي، والتصرُّف في الحياة اليوميّة وكأنّه لم يَعُدْ قائمًا.
لكن ماذا بالنسبة للفلسطينيّين؟ الجدار بالنسبة للفلسطينيّين سكّان الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة هو واقع يؤثّر سلبيًّا على جميع مَرافق حياتهم تقريبًا: من القدرة على كسب لقمة العيش، إلى حرّيّة التنقُّل، والأمن الشخصيّ، والحياة العائليّة، وحياة المجتمع المحلّيّ، والدراسة، وحقوق الملْكيّة، وحرّيّة العبادة وغير ذلك. يقطّع الجدار أوصال الحيّز الفلسطينيّ، ويحوّله إلى جيوب متفرّقة ومقموعة تقضي على جميع فرص الفلسطينيّين في نَيْل الاستقلال.
بقي سكّان القدس الشرقيّة موزَّعين/مقطَّعين على طرفَيِ الجدار، ومنذ بنائه ارتفعت نسبة الفقر في صفوف هذه الشريحة السكّانيّة بنحو 20%، وتصل اليوم إلى قرابة 80%. يسدّد سكّان القدس الشرقيّة الضرائب لبلديّة القدس، لكنّ من بَقُوا وراء الجدار أصبحوا منقطعين فعليًّا عن حياة المدينة وخدماتها الأساسيّة، ويعيشون في اكتظاظ شديد وإهمال قاسٍ، ويُضطرّون إلى عبور الحاجز كي يدخلوا إلى مدينتهم. لا تمكّن دولة إسرائيل سكّان القدس الشرقيّة من البناء في أيّ مكان آخَر في المدينة، وتفرض عليهم عمليًّا الانتقال إلى الأحياء التي تقع خارج الجدار. على هذا النحو بالضبط يتحقّق "التهجير القسريّ" للفلسطينيّين من المدينة.
يَعْلم سكّان الأحياء التي تقع خلف الجدار أنّ إسرائيل تنوي فصلهم عن المدينة نهائيًّا، كما يتبيّن من خطّة "ترامـﭖ" التي وُضِعت في الدُّرْج إلى حين، ومن المساعي التشريعيّة المتكرّرة لأعضاء كنيست إسرائيليّين (حتّى في هذه الأيّام تمامًا)، وعلى الرغم من ذلك، وفي غياب أيّ خيار آخَر لبقائهم في المدينة، يُضطرّ هؤلاء إلى الهجرة نحو هذه الأحياء. على هذا النحو حوّل جدار الفصل سكّان القدس الشرقيّة إلى سكّانٍ مطارَدين أكثر من أيّ وقت مضى، حيث أصبح بقاؤهم في مدينتهم على كفّ عفريت. إنّها حالة يشكّل فيها كلّ حلٍّ بَقائيٍّ في الحاضر مَدخلًا للاقتلاع في يوم الغد.
"جدار الفصل يُعْمينا. فهو يفصل بين تصوُّرِنا لذاتنا وحقيقةِ وجودنا. لن يَحُلِ الأمنُ لليهود دون المساواة للفلسطينيّين. ولن يَحُلِ السلام دون تفكيك علاقات التسيُّد. ولن يتحقّق الأمن دون إزالة جدار الفصل، حجرًا تلو حجر، والتعامل مع رعب الوجود المتبادل الصهيونيّ-الفلسطينيّ في إسرائيل-فلسطين: انعدام الأمن الوجوديّ الثنائيّ القوميّة لا يُفكَّك إلّا بجهد الطرفين معًا."
هذا مقتطَف ممّا كتب د. أساف داﭬـيد رئيس موضوعة إسرائيل في الشرق الأوسط في معهد ﭬـان لير على شرف معرض الصور وفي قلبها جدار الذي سيُفتتَح في معهد ﭬـان لير بالتعاون مع "عِيرْ عَمِيمْ" في يوم الأحد الموافق 11.6.2023. في المعرض، يكشف العمل الذي قام به المصوّر الموهوب أَلِكْس ليڤاك كيف يبدو جدار الفصل بعدسة الكاميرا، بمرافقة نصوص كتبتْها شخصيّات عامّة ومثقّفين مقدسيّين، بعضهم فلسطينيّون وبعضهم الآخَر إسرائيليّون.
في ما يلي مقتطَف ممّا كتبته أمينة المعارض الفنّيّة تامي ريكليس عن المعرض:
..."لا تضمّ مجموعة الصور التي تُعْرَض هنا لحظات حاسمة، ولا أحداثًا دراماتيكيّة كبيرة. ولا تُظهِر كذلك القتلى في الواقع اليوميّ للاحتلال. إنّه تصوير صحفيّ تتمثّل جدواه في توثيق اللا-حدث. إنّه التصميم على تصوير خطّ الأفق هذا من بعيد ومن قريب، لقطة تلو لقطة، وحارة تلو حارة، وقرية تلو قرية، كفعل سياسيّ. يسعى فعلُ التصوير أن يقول لنا: ثمّة ما يستحقّ المشاهدة هنا. هذا هو بالضبط."
العام العشرون على القرار القاضي ببناء الجدار يشكّل -في نظرنا- فرصة لإثارة النقاش مجدَّدًا حول وجوده، ولتعريف الجمهور الإسرائيليّ على إسقاطات هذا الجدار على حقوق الإنسان وعلى الواقع الجيو-سياسيّ في منطقتنا.
يُفتتَح معرض وفي قلبها جدار في معهد ﭬـان لير بالتعاون مع "عِيرْ عَمِيمْ"، وذلك يوم الأحد الموافق 11.6.2023، في حدث احتفاليّ، ويُختتَم في 15.8.2023. في 9.7.2023، ستقام ندوة مسائيّة عن جدار الفصل.