عنف الصورة، صور العنف: السابع من أكتوبر وإسقاطاته
كيف نكتب عن الصور الفوتوغرافيّة والفيديوهات التي لا يمكن مشاهدتها؟ عن تلك الصور التي لا تصوّر فقط أعمال الاعتداء الوحشيّ ضد الكائنات البشريّة وغير البشريّة، بل تعتدي أيضًا على حاسة البصر وعلى قدرة المشاهدة ذاتها؟ صور لا تسعى إلى توثيق العنف فحسب، بل إلى المشاركة الفعّالة في ممارسته وتوسيعه؟ في السابع من أكتوبر 2023، بُثّت مقاطع فيديو حيّة لقتل وإحراق واختطاف وتشويه مواطنين إسرائيليّين في منازلهم، صوّرها محاربو حماس وهم يرتدون كاميرات Go Pro، ونُشرت على Telegram وTwitter.
يبيّن المقال أنّ استخدام وسائل الإعلام الرقميّة وشبكات التواصل الاجتماعيّ لم يكن ملحقًا بالحدث، بل جزءًا لا يتجزّأ من المنطق العسكريّ والدينيّ للانتقام والخلاص. من ينشر صور العنف ويشاركها مع الآخرين ينتج، وينقل، ويُمَنْتِج التأثير، ويمكِّن من إنشاء مجتمعات فعّالة تنشأ من مشاهدة الصور المهينة ونشرها. من خلال البثّ المباشر واستخدام شبكات التواصل الاجتماعيّ، يتشكّل شعور بالارتباط الاجتماعيّ له مكانة سياسيّة عدائيّة، لا يُعزى فقط إلى الجانب التمثيليّ أو المرجعيّ للصور، بل أولاً وقبل كلّ شيء إلى شكلها المؤثّر. في ظلّ هذه الظروف، نشأت مفارقة بشأن صور العنف واستقبالها المختلف تمامًا في المجتمعات المختلفة: كلّما بدت الصور أكثر “حقيقيّة” وخامًا وغير خاضعة للرقابة، كلّما أثارت البعد الوهميّ والشبحيّ والطيفيّ للعنف.