هدف الورشة هو مراجعة الإمكانيّات المفاهيميّة للتفكير في اللحظة الاجتماعيّة الراهنة بمنظور متقاطع المجالات، وبمفردات نقد القوّة والقدرة، وإعادة طرح فكر الحريّة كجزء من الخطاب النقديّ. نقطة انطلاق الورشة هي الإقرار بأن الخطاب النقديّ بتفرعاته المختلفة يعاني من أزمة في هذه اللحظة الراهنة. النظريات النقدية خلَقَت "صندوق عدة" متطوّر لتحليل علاقات القوّة الاجتماعية، ونما الخطاب النقديّ من خلال الربط بين البعد النقديّ (وأساسه مناهج لتقويض الأيديولوجيات) وبين النهوض بأهداف ذات قيمة سياسيّة وأخلاقية، نحو الحريّة والمساواة. لكن يبدو أن الكثير من الخطابات النقدية مطالبة بإعادة التفكير بصندوق العدة المفاهيميّ الذي ترتكز عليه وعلى موقفها تجاهه.
التوجهات النقديّة التي تعالج "نقد القوة"-أي تحليل وسبر أغوار علاقات القوّة الاجتماعيّة، هذه التوجهات وجّهَت نظرَها كذلك إلى القيم الأساسيّة للخطاب النقديّ كتحقيق الحقوق المواطنيّة، والمساواة والنقد. على ضوء هذا النقد ليس من الواضح إذا كان كانت هذه المفاهيم مازالت قابلة للاستخدام كقاعدة لخلق أفق أخلاقيّ-سياسيّ موجّه للفعل السياسي، أو لتأسيس ذوات سياسيّة جماعية. في الوقت ذاته، جرى تبنّي صندوق العدة النقديّ من قبل مجموعات محافظة ويمينيّة تنسبُ لهذه الأدوات مدلولاتٍ تختلف في بعض الأحيان عن المدلولات التي عنتْها النّظريّة النقديّة منذ البداية وحتى أنها تعاكسها أحيانا. تدّعي هذه المجموعات أنّها تعاني من الإقصاء ومن التمييز وأنّ ثمة عنف رمزي يوجّه ضدّها. هذا الموقف أيضًا يعيد إلى النقاش مسألة العلاقة بين نقد القوّة وبين القيم الأساسيّة التي يسعى هذا النقد إلى النهوض بها.
بدورنا نسعى إلى بناء مجموعة تنضمّ إليها باحثات وباحثون من مجالات مختلفة، ممن تهمهنّ في هذه الأيام مسألة صندوق العدّة النقديّ، ومدلولاته وفاعليّته. نأمل أن تفضي النقاشات إلى استنتاجات واستبصارات حول إمكانيّة التفكير مجددًا حول أهداف المسارات النقديّة، وحول المغازي السياسيّة لهذه الأهداف في سياقات مختلفة، وحول الموارد المفاهيميّة المطلوبة في سبيل خلق خطاب نقدي فعّال في أيامنا هذه.
يلتقي المشاركون في الورشة للقاءين مركّزَيْن خلال العام 2020 وينهون عملهم المشترك في ورشة دوليّة تعقد في كانون الأول من العام 2020.