يعرض كتاب الاستيطان والمقاومة في إسرائيل/فلسطين: قضايا منتقاة وأحداث تاريخية بنظرة طويلة الأمد تصورًا جديدًا على المستويين الدينامي والسياقيّ للاستيطان الصهيوني ومقاومته الفلسطينية على امتداد قرن من الزمن. تشكل مقالات الكتاب ثمرة نقاشات لمجموعة تفكير عملت في معهد فان لير في الفترة بين 2017-2019، وشاركت فيها مجموعة من الباحثات والباحثين في مجالات علم الاجتماع، والتاريخ، والجغرافيا، والاقتصاد، والقانون، والعلوم السياسية، وتخطيط المدن. صبّت المجموعة اهتمامها على ديناميكيّة العلاقات بين اليهود والفلسطينيّين من خلال الالتفات إلى نقاط تحوّل تاريخية؛ ومن خلال السعي للتّعامل مع محدودية الكثير من التحليلات الاستعمارية-الاستيطانية التي تتعامل مع الهيكليّة الاجتماعية بأنّها ثابتة ومستقرّة بدرجة كبيرة.

تشمل مجموعة المقالات مقدّمة تعرض مخططًا نظريًا واسعا، وثمانية مقالات تاريخيّة، بدءا من مقال دانيئيل دي مَلآخ وليف غرينبيرغ حول الرد على إقام نظام الانتداب البريطاني؛ مرورا بمقالي أريج صبّاغ- خوري وهمّت زعبي حول الانتقال من دولة استعارية بريطانية إلى دولة المستوطنين اليهود؛ وصولا إلى مقالات تتناول العقود  اللاحقة: يصف إيرز تْصْفاديا ثلاث موجات استيطان في "مدن التطوير"؛ ويحلل أورن شلومو سيرورة إخضاع السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية في سنوات الألفين؛ ويعرض غادي ألغازي، ومنصور نصاصرة، ونعمان طال ثلاث وجهات نظر مختلفة لكنها مكمّلة لبعضها البعض حول الاستيطان اليهوديّ في النقب وحول المقاومة الفلسطينيّة لهذا الاستيطان  من خمسينيّات القرن الماضي حتى سبعينيّاته.

يصدر هذا الكتاب أيام يعيش فيها المشروع الصهيوني حالة انكسار عميقة، ويكتنف مستقبله الكثير من الغموض. بطبيعة الحال لا يدّعي الكتاب بأنه يضع ثوابت راسخة في قضية دينامكيّة الاستيطان الصهيونيّ والمقاومة الفلسطينيّة، لا على المستوى النظري ولا على المستوى التاريخي، لكنه يعرض -عوضا عن ذلك-أن يجري التعامل معه كدعوة لمراجعة متجدّدة للمشروع الصهيونيّ-في الماضي، والحاضر، وفي المستقبل أيضا، وكدعوة لإجراء أبحاث تراجع الاستيطان والمقاومة من وجهة نظر نقديّة باعتبارهما ظاهرتين متداخلتين بعضهما ببعض، وتقعان-بحق-في صلب الجدال العام.