تعتزم كيرن هألوني أن تكتب رواية قصيرة تتناول الثورة ما بعد الرأسماليّة، فتتوجّه بطلب المساعَدة من مستخدِمات ومستخدِمي الشبكة الاجتماعيّة في البحث الذي تُجريه. ردود الفعل والإجابات كانت أوسع ممّا تخيّلت: أصوات متنوّعة أطلقها فوضويّون وفنّانات، وأمينات مَعارض، وناشطون بيئيّون، ومتصيّدون (ترول) ممتعون ومغيظون، إلى جانب حياكة خيوط حكايات حول قلوب محطَّمة، وحول مصْلحين يريدون تقويم البشريّة، ونَمِرة سوداء أسطوريّة تجسِّدُ التغييرَ المدنيّ، هي "يهوديت ق." التي تنبّأت إحدى شخصيّات قصصها بالثورة القادمة -كلّ هؤلاء ينضمّون إلى محادَثةٍ متعدّدة الأوجه، محادثةٍ تجسِّدُ التغييرَ المدنيّ والثقافيّ والذهنيّ على ضفاف نهر الأردن، ومَصادرَه، والتحدّياتِ التي تواجه المجتمع الذي يتبلور فيه.

الرواية القصيرة نضال متواصل هي عمل أدبيّ ذو نزعة تحديثيّة ومثيرة للتفكير، وهي تَسْبُر أغوار قضيّة الشكل الأدبيّ. ما العلاقة بين منهج اقتصاديّ ونظرة حياتيّة من نوع معيّن، والجانرات الأدبيّة التي تنمو في داخله؟ وعلى العكس من هذا، هل الشكل الأدبيّ هو هيكليّة وعي يمكن استخدامها كحاملة مريحة أكثر لأسلوب حياة مفضَّل؟

العام 2066. بعد سلسلة من الكوارث البيئيّة من ناحية، والتسارع التكنولوجيّ الذي أبطَلَ الحاجةَ إلى الكثير من الأعمال البشريّة وبشَّرَ بعصرٍ قِوامُهُ الوفرة المادّيّة من الناحية الأخرى، يخوض الشرق الأوسط غمار اصطفاف جديد على المستويات السياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ، كما هو الشأن في مواقع مختلفة في العالم. ضفاف الأردن، المنطقة التي تضمّ دولة إسرائيل وفلسطين والأردن وأجزاء من لبنان وسوريا، هي لواء مستقلّ يخضع لمجلس الاتّحاد الشرق أوسطيّ، ويتوافر لكلّ فرد يسكن فيه حقّ الحصول على راتب عامّ ومسكن شعبيّ، مقابل ساعات يخصّصها للعمل لمصلحة الجمهور.

الروايات القصيرة الأربع التي تدور حول حقبة ما بعد الرأسماليّة هي ثمرة مشروع وُلِدَ داخل مجموعة بحث في ﭬـان لير بإدارة د. كفير كوهين لوستيـﭺ. تدور أحداث كلّ واحدة من هذه الروايات القصيرة في واقع مشترَك ابتدعه أربعة الكُتّاب والكاتبات الذين شاركوا في المجموعة، وتُشكِّل كلّ واحدة منها عملًا قائمًا بحدّ ذاته، لكنْ قراءتها معًا توسّع صورة العالم والمجتمع التي ترسمها كلّ على حِدة، وتكشف النقاب عن شبكة من الترابطات بين القضايا التي تطرحها كلّ واحدة منها. كلّ قصّة من هذه القصص ترافقها اختتاميّة كتبها د. كفير كوهين لوستيـﭺ، والـﭘـروفيسور شمعون أداف.