منذ ستينيات القرن العشرين أصبحت إسرائيل لاعباً مهماً في أفريقيا على المستويات الاقتصاديّة والثقافيّة والسياسيّة. خلال العقود الماضية استوطنت "أفريقيا" في الثقافة الإسرائيلية- كمكان وكفكرة وكمفهوم سياسي. من هنا فإنّ كتاب أفريقيا ليست هنا لا يتحدّث عن أفريقيا بل عن "أفريقيا" على النحو الذي أُدمجَت فيه داخل المجتمع والثقافة في إسرائيل على امتداد العقود الخمسة الأخيرة. يصف الكاتب سبل إنشاء "الجغرافيا الأخلاقية" (وهي تنويعة من الممارسات التي يجري من خلالها تخطيط الحيّز من الناحية الاخلاقية والسياسية والذهنية) لإسرائيل في أفريقيا . الجغرافيا الأخلاقيّة تتجسّد في المساعدة الواسعة التي تقدّمها إسرائيل للدول الأفريقية عبر منظومة تصدير تشمل إكساب المعارف التخطيطيّة والمعماريّة، وملاءَمة موديلات استيطان في العقود الاخيرة من القرن العشرين، وتوفير خبرات زراعية وتكنولوجية أمنية منذ مطلع الألفية الثانية فصاعدا.

وكما يُستشفّ من فصول الكتاب، فإنّ هذا النشاط التي تقوم به الدولة وأجهزتها، والخبراء في المجالات المختلفة يخلق إحساسا بان إسرائيل وأفريقيا تتقاسمان تاريخا مشتركا يتمثل في "تفكيك الاستعمار"، ويبني بالتالي حدودا جغرافية وثقافية تساعد في إنشاء الهُوية القومية في إسرائيل وتأسيس هُويّة بيضاء وحديثة- تجاه الخارج والداخل على حد سواء.