اليهودية الإصلاحية هي التيار الدينيّ-اليهودي الأول والأعرق في العالم المعاصر. وقد انبثقت عنه – وكرد فعل عليه – اليهوديّة الأرثوذكسية ناحية، واليهودية المحافظة من ناحية أخرى. اليهودية الإصلاحيّة في الولايات المتّحدة تُعتبر تيّار الأغلبيّة الذي يستقطب الجماهير. لكن – وعلى الرغم من حجمها وأهميتها – فإنها لم تحظى سوى بالقليل من الدراسات والأبحاث، وهذا الأمر ملفتٌ بحد ذاته. يبرزُ هذا النقص على نحو خاص في الأبحاث العبرية، لذا يبتغي الكتاب الحالي سد هذا النقص، ولو بالنزر اليسير.

تختلف اليهودية الإصلاحية اليوم عن تلك التي استشرفها وحلم بها مؤسّسوها؛ وقد طرأت عليها عبر السنين تغييرات كثيرة، بما في ذلك تغييرات مهمّة في الاتجاه. يتتبّع كتاب اليهودية الإصلاحية: الفكر والثقافة والمجتمع أثر هذه التحولات ويراجع التأثيرات الثقافيّة والاجتماعية التي تؤطّرها وتساعد على استشفافها. تعرض المقالات المدرَجة في المؤلَّف أمام القارئ العبري مجمل التخبّطات والقضايا الساخنة التي تعصف بأجزاء واسعة من العالم اليهوديّ المعاصر. يتناول الكتاب – فيما يتناول – الانتقال من الخطاب الحداثي إلى خطاب ما بعد الحداثة، ويتناول كذلك التطوّر الذي طرأ على الحركة الإصلاحيّة فيما يخصّ تعريف مصطلحات ومفاهيم نحو "الهَلاخاه" و "الصهيونية"، والتغيير في مكانة النساء في الحركة، والخلافات الداخلية حول التعريف المجدد لمفاهيم "العائلة، و"العلاقة الزوجية" و "الشعب اليهودي"، و"المجتمع اليهودي المحلي"، وفي تعامل الحركة مع "الزواج المختلط".

شاركت كوكبة من خيرة الباحثين والمفكرين الشبان والمخضرمين في تأليف هذا الكتاب، ونأمل بدورنا أن يساهم مساهمة كبيرة في النهوض بالأبحاث التي تتناول الأسس الثيولوجيّة – الدينية، والاجتماعيّة والثقافية لليهوديّة الإصلاحية، وكذلك في تطوير وتعميق النقاش التربويّ – الثقافي حول مستقبل يهود الولايات المتّحدة وهو الموضوع الذي يشغل الشعب اليهودي ويقع في صدارة أجندته في الحقبة الحالية.