بداية كتاب المحرقة والنكبة: الذاكرة والهوية القوميّة والشراكة اليهودية العربيّة كانت في لقاء ضمّ مجموعة من الشخصيّات التربويّة اليهوديّة والفلسطينيّة من مواطني إسرائيل. التقت هذه المجموعة خلال العام 2008 في معهد فان لير في القدس، وعالجت على نحوٍ مشترك حدثَيِ النكبة والمحرقة. تجربة اللقاء حول مواضيع حسّاسة ومشحونة طالت مشاعر الجميع وهزّتها، فتقرّر على ضوء ذلك الخوضُ في تجربة تناول القضيّة على نحوٍ نقديّ وتحليليّ. بناء على ذلك، يقترح الكتاب إمعان التفكير في سبل تذكّر المحرقة والنكبة ومناقشتهما معًا في السياق الإسرائيليّ، ومراجعة شروط تحقيق تفكير مشترك كهذا- لا لأنّ الحديث يدور عن حديثين متماثلين أو متشابهين، بل لكونهما حدثين فاصلين وصادِمَين، ومؤسَّسْين للهُويّة. النكبة والمحرقة صاغا مصير وهُويّة الشعبين، لكن بمنْحَيَيْن يختلف كلّ منهما عن الآخر كلّ الاختلاف.

يضمّ الكتاب بين صفحاته مقالات ونصوص كتبها باحثون وباحثات وأدباء ومفكّرون فلسطينيّون ويهود سَعَوْا للتعامل مع هذه القضيّة. المواقف التي تطرحها المقالات ليست متجانسة: بعضها يؤيّد التناول المشترك للحدثين، ويرى أنّ الأمر يفتح الباب أمام المصالحة والتقبّل، بينما يرفض البعض الآخر منها هذا التناول المشترك رفضًا قاطعًا وحازمًا. هذا الأمر يخلق فسيفساء مواقف فريدة في نوعها، وتسعى إلى تحدّي التفكير السائد حول الذكريات الصادمة التي يحملها الشعبان.