طريق الروح
كتاب اليوبيل لإليعيزر شوايد (مجلّدان)
تحرير | يهويداع عمير |
الناشر | معهد فان لير في القدس وقسم الفكر اليهودي، ومعهد مانديل للدراسات اليهودية، الجامعة العبرية في القدس |
اللغة | العبرية |
سنة الإصدار | 2005 |
سلسلة | إصدارات - الثقافة والهوية اليهودية, سياقات دراسية |
طريق الروح تختلف عن جميع الطرق الأخرى- إنها تخلق الألفة بين مَشاهد الروح والمجتمع، وتشقّ داخلها مسالك للإبداع، توحّدها ثم تعود فتتشعّب وتأخذ مسارات جديدة. وفي واقع الأمر، حتى أولئك الذين يسلكون هذه الطريق طيلة حياتهم يتواجدون دائمًا في بدايتها، فهي تمثُل أمامهم من جديد، على الدوام.
تتجلى طريق الروح التي يشقّها اليعيزر شوايد، بأعماله وحياته، في ثلاثة مجالات، تتساوى مع بعضها من خلال يراعِه، وهي: البحث والتّدريس والإنتاج الفكري. مشروعه البحثيّ، الذي يمتد زمنيًا على فترة تزيد عن خمسين سنة، يتجسّد في عشرات الكتب ومئات المقالات. من خلال أبحاثه يضيء شوايد ويشرح عوالم فكريّة متنوّعة، بدءًا من فلسفة التوراة حتّى الفكر المعاصر. وأينما كانت وجهة شوايد، كان دائمًا مُجددًا يشق مسالك تفكير جديدة، ويحثّ على إعمال الفكر وطرح الأسئلة الجديدة؛ وقد شكلت مسارات كثيرة شقّها تحدٍّ لمن مشوا على خطاه، ومن سلكوا طرقًا موازية، أو حتى مناقضة.
يرى شوايد في البحث قيمة وهدفًا في حد ذاتهما؛ وليس بأقّل من ذلك، يرى فيه أداة هي رهن استعمال المثقِّف الذي يتوجّب عليه أن يستقي العلم وينقله، وأن ينبّه روح ونفس طلابّه إلى المسؤولية الملقاة على عاتقهم في تجديد كينونتنا اليهوديّة والانسانية.
يبغي شوايد، الذي جاء إلى الحياة الأكاديمية من العمل التربوي- الثقافي، أن يعمل مربيًا مثقِّفًا طيلة حياته، ويقوم بذلك من خلال عمله المباشر، لا سيّما بواسطة أسلوبه في التدريس ومثوله أمام طلابه. وبنفس القدر، يعمل شوايد مربيًا مثقّفًا عندما يدرس بعناية لا تعرف المواربة، كلّ نص ويسعى إلى كشف خباياه.
ليس هنالك عُرف يلزم على القول أنّ النص الذي يخضع للبحث يشكل دائمًا أداة ناجعة في يد المثقِّف؛ وليس هنالك، بالطبع، عُرف يُلزم على القول بأنّ التّفسير الجيد الذي يأتي به شوايد كباحث يتوافق مع توجّهه كمثقِّف، ولكن مسؤوليّته وجِدّيته وحبّه للنص هي دائمًا بمثابة تعبير عن تلك الروح التي يسعى شوايد، كمثقِّف، إلى إثارتها بين طلابه. وستبقى الأسئلة التي يطرحها الباحث على النصّ شهادة على الأسئلة والتّحديات التي يطرحها النصّ على المربّي.
خطاب شوايد البحثيّ والتربويّ التثقيفي هو خطاب فلسفي على الدوام، يضعه كما يضع جمهوره قبل الله والانسان، ويطالب بطرح القضايا الأساسية الكثيرة التي تتجدّد في حياتنا على نحو متواصل مثل: الهُوية اليهوديّة، والإيمان، والعلاقة بين الكينونة اليهوديّة الفريدة وبين المشاركة الإنسانية الكونيّة، والصهيونيّة ويهود الشّتات، والعدالة الاجتماعيّة والفكر القوميّ، والتّثقيف والنّضال من أجل المساواة، وغير ذلك.
يكرّس الكتاب لهذه المجالات الحياتية الثّلاثة، ويهدى لإليعيزر شوايد بمناسبة بلوغه سن الخامسة والسّبعين. يهتم القسم الأول من الكتاب بتحليل ونقد ودراسة فكر صاحب اليوبيل نفسه، في حين تُطرح في قسمه الثاني سلسلة من القضايا المتعلّقة بالمكانة الثقافية والتربوية المنسوبة لدراسة الثّقافة اليهودية بعامّة، ولدراسة الفكر الذي أنجبته هذه الثقافة، على وجه الخصوص. في القسمين الأخيرين من الكتاب تُطرح أسئلة بحثية وفلسفية ذات صلة وثيقة بالقومية اليهوديّة وبالفكر اليهوديّ في العصر الحديث. وبهذا، فإنّ سعي الكتاب لا يتلخّص فقط في تكريم شوايد والتّعبير عن ما يكنّ له أصحاب المقالات من حب وتقدير، وإنما إلى شق المزيد من مسالك الروح الجديدة.
تعود بداية كتاب اليوبيل إلى سبع سنوات خلت، في يوم دراسيّ نظّمه قسم الفكر اليهوديّ في الجامعة العبرية، الذي كان بمثابة البيت البحثيّ لشبايد طيلة سنوات عديدة، بالتعاون مع "إطار الفكر والهويّة اليهوديّة في العصر الحديث" التابع لمعهد فان لير في القدس، وهو إطار بادر شوايد نفسه إلى تأسيسه، ثم قاده لمدة سنوات غير قليلة، وقد شكّل له هذا الإطار أيضًا بيتًا للإبداع الثقافي والاجتماعي القيِّم.
في اليوم الدراسيّ المذكور، الذي عُقد ضمن سلسة المؤتمرات السنويّة لأقسام الفكر اليهودي سعينا إلى فحص جوانب ميثودولوجيّة وثقافية مختلفة ذات صلة بدراسة الفكر والثقافة اليهوديين، وهو موضوع نُقلّ عادة التطرّق إليه. شكلّت المحاضرات التي ألقيت في المؤتمر أساسًا للكثير من مقالات الكتاب، ولكن كثيرون من طلاب شوايد ومريديه انضموا خلال سنوات تجميع المقالات والعمل على إعدادها وأسهموا بمجهودهم في مجالات مختلفة.