المجتمع الإسرائيلي هو تركيبة من القوميات والطوائف والأديان. الكثير من المجموعات في داخله ليس لديها عاملا مشتركا، وتنظر كل منها للشراكة الإسرائيليّة على نحو مغاير, الثقافة الإسرائيلية ما هي إلا كثرة صاخبة متنازِعة، وهي ترفض اليوم تقبل وجهة نظر مهيمنة- أياً كانت. وثمّة من بين من تدير دولة إسرائيل حياتهم من الرعايا غير المواطنين، وثمة مواطنون يعارضون وجود الدولة أو الشرطة.

يعرض الكتاب الحالي فصولا في تاريخ دولة إسرائيل دون التنكر للتعدّد، ولغياب العامل المشترك، وللمقاومة. يأخذ الكتاب بعين الاعتبار- فيما يأخذ- وجهات نظر هؤلاء الذين دفعوا وما زالوا يدفعون ثمن المشروع الصهيوني، ويحفظ مكانا في تاريخ الثقافة الإسرائيلية للناقدين وأنبياء الغضب، والمتمردين، والكفرة، ويحلل وينتقد من دون تقديس أو ندب، ومن دون الانضمام إلى المتهادنين المتهاونين، ومن دون الاصطفاف وراء اليائسين المحبطين. يمنح هذا الكتاب لدولة إسرائيل في يوبيلها الخمسين دون الإحساس بالاحتفال.

أكثر من خمسين مثقف اجتمعوا لتأليف هذا الكتاب. تعرض مقالاتهم ونصوصهم خمسين "لحظة" خلاف وانتقاد ومقاومة في تاريخ دولة إسرائيل وثقافتها.

بُسِطت إلى جانبب المقالات والنصوص سيرة زمنية مفصّلة وشاملة للثقافة والمجتمع والسياسة في إسرائيل في سنواتها الخمسين. هذه كلها تعرض حكايات الإمكانيات الضائعة والإخفاقات المعروفة سلفا والنجاحات الملعونة. كلها توثّق أصوات الهامش، وأصوات الأطراف، وأصوات الغضب والعتاب والتوبيخ. تُمثّل الواقع الإسرائيلي على نحو انتقائي ومتداخل. ليس ثمة اتجاه واحد يجمع بين المؤلّفين ؛ هؤلاء شركاء في القلق. يتأملون الماضي البعيد أو القريب لدولة إسرائيل ويعثرون فيه على شخصيات فذّة وأحداث مركزيّة يُستشف منها وجود خيارات أخرى للوجود الإسرائيلي، ويمكن حتى استخلاص بصيص أمل منها.