نمَت الحَوْكَمةُ المُدْمَجَة في إسرائيل على خلفيّة التحوّلات التي طرأت على السياسات العامّة في العقود الأربعة الأخيرة، حيث جرى في إطارها تبنّي طرائق إدارة سائدة في قطاع الأعمال، ومن خلال السعي إلى منح المواطنين مقابلا لائقا للضرائب التي تجبى منهم.  تعرض الحَوْكَمةُ المُدْمَجَة بديلا عن هذا النهج، وتعيدُ القيم الجماهيريّة العامة إلى قلب عمل أجسام الحكم. وبحسب هذا المفهوم فإن المواطنين لم يعودوا "زبائن" يتلقون الخدمة فقط، بل شركاء في صنع القرار، وعليه لم تعد السياسة الجماهيرية العامة حكرا على الوزارات أو السلطات المحلية، بل تجري صياغتها من خلال التعاون مع أفراد ومنظّمات من قطاعات مختلفة.

يرتكز كتاب الحَوْكَمة المُدْمَجَة في إسرائيل: أبعاد نظرية وعملية على عمل مجموعة بحث في مركز العدل الاجتماعيّ والديمقراطية على اسم يعكوف حزان في معهد فان لير في القدس، وهو الكتاب الأول الذي يراجع ترتيبات الحوكمة المدمجة في إسرائيل، والثالث والأخير من ثلاثية تتناول السياسات العامّة في إسرائيل. سبقه كتاب سياسة الخصخصة في إسرائيل: مسؤولية الدولة والحدود بين الجماهيري العام والخاص (2015)، والترتيبات والأنظمة القانونية في إسرائيل: القيم والفاعليّة والمنهجيّات (2019). يواصل كتاب الحَوْكَمةُ المُدْمَجَة في إسرائيل الطريق التي شقها سابقاه، وتتناول مقالاتُه طريقةً مغايرةً لنشاطات الحكم، لا سيما في الحالات التي لا تثمر مسارات الخصخصة والترتيبات الإشرافيّة القانونية المترتبة عنها عن النتائج المرجوة. تتناول بعض مقالات الكتاب تطوير الأبعاد النظرية لمفهوم الحَوْكَمة المُدْمَجَة وتراجع مقالات أخرى في الكتاب ترتيبات الحَوْكَمةُ المُدْمَجَة التي جرى تطبيقها في إسرائيل. ثمّة سؤالان مركزيان على امتداد الكتاب: السؤال الأول هو: هل تساعد ترتيبات الحَوْكَمةُ المُدْمَجَة على النهوض بقيَم جماهيريّة عامة؟ والسؤال الثاني هو-هل تساهم هذه الترتيبات في تعزيز وبناء مسارات ديمقراطيّة؟