يتناول كتاب نكبة وبقاء: حكاية الفلسطينيّين الذين ظلّوا في حيفا والجليل، 1948-1956 السنواتِ الحاسمةَ والحرجة المتعلّقة بالمواطنين العرب في إسرائيل، في حقبة قلّما تناولت الأبحاثُ جوانبها هذه. يتمحور الكتاب في حكاية بقاء العرب في إسرائيل، ولا سيّما في شمال البلاد، وبالآليّات التي قاموا بتطويرها لمنع تهجيرهم، ولمواصلة العيش في وطنهم. يعرض الكتاب سلوكَ البقيّة الباقية السياسيَّ، وبضمن ذلك الحكاية غير المعروفة للشيوعيّين العرب في إسرائيل، على ضوء بَرادايْم البقاء. ينفرد الكتاب في تناوله لتجارب البقية الباقية من وجهة نظرها كأقلّيّة غير مرغوب بها ترزح تحت الحكم العسكريّ، وللشكل الذي صِيغَت فيه علاقتها مع دولة إسرائيل. يُسمِع الكتاب صوت الخاضعين ومَن كُتِم صوتهم، ويرى فيهم وكلاء نشيطين، لا مجرّد ضحايا لا حول لهم ولا قوّة.

جديد هذا الكتاب يتمثّل في أسئلة البحث التي توجّهه، وفي مصادر المعلومات التي استُخدمت في كتابته، ومن بينها: اليوميّات الشخصيّة، وكتب المذكّرات والشهادات الشفويّة. حكاية النكبة من وجهة نظر البقيّة الباقية غير مألوفة لعموم الجمهور. إنّها حكاية مكتومة ومكبوتة، وصوتها مغايرٌ لصوت السرديّتَين القوميّتين السائدتين لدى الجانبين. لا تكمن أهمّيّة استحضار هذه الحكاية بكونها تضيء بُعدًا تاريخيًّا وإنسانيًّا مهمًّا في الحرب- ذاك الذي أُهمِل لسنين طويلة- فحسب، بل كذلك لأهمّيّتها الفائقة المتعلّقة بقراءة الواقع في الحاضر، ورسم معالم حياة الطرفين مستقبَلًا.

د. عادل مناّع هو مؤرّخ وزميل أبحاث مرموق في معهد ڤـان لير في القدس. تتناول أبحاثه فلسطين في الحقبة العثمانيّة والفلسطينيّين في القرن العشرين.