بورتريه الزائر كرجل كنيسة: يوزف ريتسينجر وكَثْلكة المشروع الحداثيّ
يدور المقال حول النظرة المتناقضة للكنيسة الكاثوليكيّة المعاصرة تجاه السؤال حول العلاقة بين المسيحيّة والحداثة العلمانيّة، بالشكل الذي ينعكس فيه هذا التناقض في فكر اللاهوتيّ ورجل الهرميّة الكنسيّة والبابا يوزف ريتسينجر، أو باسمه بنديكتوس السادس عشر (2005-2013). ينتقد ريتسنجر العلاقة بين الكنيسة والعلمانيّة الأوروبيّة ويقترح نموذجًا جديدًا لتقسيم العمل بين المؤمنين والعلمانيّين. في تلك العلاقات، هناك دور مركزيّ لتأسيس حوار بين “الثقافتين الغربيتين الكبيرتين: ثقافة الإيمان المسيحيّ والثقافة العقلانيّة العلمانيّة”.
في هذا المقال أدّعي أن ريتسنجر يقبل النقد التنويريّ على الكنيسة ويفكّر من خلال تقاليد كاثوليكيّة مرّت بسيرورة تحديث عميقة. في الوقت ذاته، يُظهر المقال كيف أنّ ريتسنجر، كمفكّر لديه مكانة جيّدة في فكر التنوير، ينتقد فرضيات هذا الفكر الأساسيّة من منظور كاثوليكيّ محافظ. لا يشير ريتسنجر إلى إخفاقات التنوير من أجل أن يعيد البشريّة إلى الحقبة التي سبقته، على العكس من ذلك، وبنفس روح فكر هابرماس، الذي يخوض معه حوارًا، يسعى ريتسنجر إلى إصلاح التنوير وتقويته. وهو يقوم بذلك، بحسب ادعائي، بواسطة كشف البنية التحتيّة اللاهوتيّة لمفهوم الإنسان والمجتمع العلمانيّ وإعادة تصميها في ظل العقيدة والتقاليد الكاثوليكيّة. من خلال إصلاح المفاهيم المعلمنة بجذورها اللاهوتيّة، يسعى ريتسنجر إلى تحديث التنوير في ضوء المسيحيّة وتشكيل حيّز علميّ وعقليّ على قواعد الإيمان الكاثوليكيّ. هذا هو المقال الأول بالعبريّة المخصّص لفكر هذا اللاهوتيّ صاحب التأثير الكبير.