ما بعد الأنسنة: بروميثيوس وانتقام التفكيكية
لم تعد “ما بعد الأنسنة” (Post-humanism) بالموضة الفلسفية، بل أضحت نظرية معرفة جديدة تقوّض الفصل بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، انطلاقًا من التشكيك في فرضية التنوير بشأن مركزية الإنسان في النظام الكوني. ظاهريًا، يبدو أن ما بعد الأنسنة النقدية والعابر للأنسنة (Trans-humanism) تتمسّكان بموقفين متناقضين على طول الخط الواصل بين تقويض تعريف “الإنساني” وبين محاولة انتهاك حدود هذا التعريف على أرض الواقع. برغم ذلك، تشكّك المقالة بقدرة الأنسنة على إجراء عملية تفكيكية من دون تفكيك الإنسان أيضًا على المستوى المادي. بعبارات أخرى، تجادل المقالة أن ما بعد الأنسنة هي بالضرورة ما بعد إنسانية (Post-human) كذلك. تعرض المقالة ما بعد الأنسنة بوصفها ردّ فعل نيو-مادي لما بعد الحداثة عبر ثلاث روايات متناقضة ومتكاملة بالمناوبة: الادعاء أننا لم نكن أبدًا إنسانيّين، الابتعاد عن السيرورات التي من خلالها أصبحنا ما بعد إنسانيّين، والتنبؤ بأننا سنصبح مستقبلاً ما بعد إنسانيّين. ختامًا، من خلال مناقشة الحالة الإسرائيلية بشأن “النزعة النباتية اليمينية”، تجادل المقالة أن قوة الجذب لما بعد الأنسنة كامن تحديدًا في نفس التناقضات الداخلية التي تمنح الفرصة للرقص على الحبلين وفي نفس الوقت معارضة مؤسّسة الزواج.