من السقايل في الناصرة إلى الأكاديميّة في المكسيك: أنريكا دوسل وفلسفة التحرير
الفيلسوف الأمريكيّ-اللاتينيّ العريق والمعروف أنريكا دوسل هو مؤسّس فلسفة التحرير. بحسب دوسل، فلسفة التحرير هي “فلسفة تجيد التفكير في هذا الواقع، الواقع العالميّ الآنيّ، ليس من منظور مركز، منظور قوّة سياسيّة، اقتصاديّة أو عسكريّة، بل من منظور يتجاوز حدود العالم المركزيّ الآنيّ، إلى مناطق الأطراف”. دوسل، من مواليد الأرجنتين وسكّان المكسيك، يُحسَب على مجموعة غير صغيرة من الباحثين، والثوريّين والمثقّفين الذين نشأوا في أمريكا اللاتينيّة خلال القرن العشرين، وخصوصًا في النصف الثاني منه، والذين اقترحوا بدائل من الجنوب للفكر المهيّمن والموحّدة للشمال. من هذه المجموعة أيضًا المربي البرازيليّ باولو فيريري، المفكّر الماركسيّ خوسيه مرياتجي، الثوريّ الأرجنتينيّ الكوبيّ أرنستو تشي جيفارا، الراهب البيرويّ چوستابو چوتيرس، والمناضل في حرب العصابات الكولومبيّ كاميلو تورس، والاقتصاديّ البرازيليّ تاوتونيو دوس سانتوس.
رغم تقدّمه بالسنّ، ما زال دوسل يعلّم ويكتب وينشر. أصدر حتّى الآن قرابة خمسين كتابًا وأكثر من 400 مقال في مجالات كثيرة – الفلسفة، العلوم السياسيّة، علم اللاهوت، والتاريخ وغيرها. ما زالت الكثير من تبصّراته سارية رغم مرور أكثر من نصف قرن أو أكثر عليها، وهي تضمّن مواقف متعلّقة بأمريكا اللاتينيّة، وادعاءاته حول مكانة مناطق الأطراف في المنظومة الرأسماليّة العالميّة، ونقده على الفلسفة الغربيّة، وتحديثات فكره بالعقد الأخير حول أسئلة البيئة والاستدامة.