المزراحيّة: عن التدوين العكسيّ للهويّة
يقترح يتسحاك بنياميني، في مقالته، إطارًا نظريًا خاصًّا لفهم سؤال الشرقيّة. ادعاؤه هو أنّه يجب عدم إيجاد الشرقيّة في أيّ مضامين وضعيّة كانت، جوهرانيّة أو سوسيولوجيّة أو تاريخيّة. ضمن ذلك، يجب التوجّه إلى شكل عمل الإشارة “الشرقيّة” في الخطاب السياسيّ المعاصر. يدّعي بنيامي أن المقاربة المعاصرة ل”الشرقيّة” تُجرى وفق مبنى ما سمّاه فرويد “بأثر رجعي”؛ بحسب هذا المبنى، يتم عيش الحدث الصادم فقط من خلال أعراضه المتأخّرة، ولذلك فهو يُعاش ويكون موجودًا لأوّل مرّة بأثر رجعيّ، كحدث ثانويّ، وفق طرق تسجيله. على نحو مشابه، يتمّ تسجيل الماضي الشرقيّ من موضع الحاضر فقط، حيث تمّ تشكّله بوقت متأخّر. لذلك، فبدل السؤال عن حقيقة المضامين التي تتضمّنها حاليًا المواقف الشرقيّة المختلفة، وهي موقف “إسرائيل الثانيّة” القوميّ الشعبويّ أو موقف يهوديّ-عربيّ معادٍ للقوميّة، يجب تتبع التشكّل المتأخر للأصل الشرقيّ، ليس التتبع بهدف إلغائه كخدعة أيدلوجية فحسب، بل من أجل فتح الحيّز الفنتازيّ الذي يزحف إلى ما يتجاوز التوحيديّة الشبه حقائقيّة للهويّة الشرقيّة.