ما هو مستقبل الأجنّة المجمّدة؟
د. حجاي بوعاز | 20.02.2022 | تصوير: Unsplash
هل ما زالت الأجنة المجمّدة التي لا يطالب بها أحد تعتّبر جزءا من الخليّة العائلية، أم يمكن اعتبارها جزءا من العلم؟ نتحدث هنا عن مجموعة سكانية أخذة بالتكاثر، على الرغم من أنها تشغل حيّزا صغيرا للغاية، ويطرح مصيرها أسئلة شخصية وأخلاقية. قام د. روعي غيلبير ود. سيفان تمار مؤخرا بنشر بحث يمكن قراءته هنا والذي يفحص مستقبل الأجنّة المجمّدة التابعة للأزواج الذي يخضعون لعملية حفظ الإخصاب، وكانت نتائجه مفاجئة للغاية.
تعتبر إسرائيل من الدول الريادية في العالم في مجال علاجات الإخصاب، حيث تقوم بمنح تسهيلات مالية ضخمة لهذه العلاجات، وعليه فقد تمكّن مئات آلاف الأزواج الإسرائيليين – من جميع القطاعات والطبقات – من تحقيق أمنيتهم بالتحول إلى والدَين بواسطة التكنولوجيات المتطوّرة التي يوفّرها طب الإخصاب. بعامة، تعتَبر إسرائيل من الدول التي تشجع على الإنجاب، ويعتبر الاستخدام الشائع لتكنولوجيات الإخصاب أحد أبعاد هذه السياسة وأبرزها.
التبني الكامل لهذه التكنولوجيات من قبل المجتمع في إسرائيل يفضي إلى عدد من الظواهر التي تمثّل إسرائيل على نحو شبه حصري: إنجاب أطفال من مَنْي شخص وافته المنيّة، واستشارة جينية مجتمعيّة، والارتباط بين رجل وامرأة بحسب صفات جينية للرجل والمرأة، وغير ذلك. لكن ثمة بعد إضافي لا ترصده العين الجماهيرية، وهو وجود مئات آلاف الأجنة المجمّدة في حاويات نيتروجين سائل، وتتحدث بعض البيانات عن 700–800 ألف جنين من هذا النوع، أي ما يوازي 8% من سكان دولة إسرائيل
الأجنة المجَمّدة – ملامح شخصية
ما هي الأجنة المجمّدة؟ في كلّ عملية إخصاب اصطناعي يجري سحب عدد من البويضات من جسد المرأة، وهذه يجري تخصيبها بطرق متنوّعة، ومن اللحظة التي تبدأ فيها البويضة المخصّبة بالانشطار والنمو، يمكن التحدّث عن نجاح المرحلة الأولى في الطريق إلى الحَمْل: يتولد احتمال كبير للحياة. في الوقت ذاته لا تجري إعادة جميع البويضات المخصّبة إلى الرحم، وتجري المحافظة على البقية لصالح جولة أخرى في حال لم يجر استيعاب البويضة المخصّبة، وتدعو الحاجة لمزيد من المحاولات. البويضات المجمدة هي ما يطلق عليها اسم "الأجنة المجمّدة".
لكن ما هي هذه الأجنة المخصبة فعليا؟ هل هي مخلوقات حيّة مجمّدة؟ عملية الانشطار والنمو لهذه الأجنة تتوقّف وتجمَّد بوسائل اصطناعية؟ في هذه المرحلة ربما نتحدث عن حياة احتمالية؟ هذه ليست مجرد بويضات، فهي تحمل في داخلها الشحنة الجينية المشتركة للقاء بين المنْي والبويضة؛ الأخوة والأخوات المحتملين للأجنة التي بدأت بالنمو داخل بطن الام. وما هو مصير الأجنة التي بقيت مجمّدة في عيادات الإخصاب في حال انتهت العلاجات بنجاح واكتملت كذلك عملية تخطيط الأسرة؟
التعليمات تفيد بأن على وحدة الإخصاب خارج الرحم أن تحافظ على الجنين في حالة التجميد لمدة لا تزيد عن خمس سنوات، ويمكن تمديدها بخمس سنوات إضافية إذا تقدم الرجل والمرأة اللذين خضعا للإخصاب بطلب لذلك، وصودق عليه من قبل طبيب. في بداية العلاجات يتوجّب على الزوجين أن يقررا ما هو الخيار الذي يفضلانه: تجميد الأجنة لخمس سنوات، أو الإذابة (ما يعني إبادة الأجّنة الفائضة)، أو التبرع بها لصالح الأبحاث. بعد خمس سنوات يتوجب على الوحدة أن تتواصل مرة أخرى مع العائلة لفحص مصير الأجنة المجمّدة. في الكثير من الحالات لا يجرى اتصال من هذا النوع عليه ثمة تكاثر مستمر للأجنة المجمّدة.
إبادة، تبرّع لصالح البحث، أم تبرع لصالح الولادة
انطلق د. روعي غيلبير ود. سيفان تامير لإجراء بحث من قبل معهد فان لير في سبيل فحص مواقف الأزواج الذين خضعوا للعلاج في وحدات الإخصاب خارج الرحم، واستشفاف آرائهم حول مصير الأجنة المجمّدة التي ستتولد خلال الإجراء. زار الباحثان ثلاثة عيادات للإخصاب في مستشفيات في الخضيرة والقدس والعفولة وعرضا على مئات الأزواج الذين يخضعون للعلاج مجموعة أسئلة حول تفضيلاتهم في مسألة الأجنة المجمدة التي ستتوفر او لا تتوفر لديهم.
طرحت على المستطلَعات والمستطلَعين خيارات عدة ومن بينها التبرع بالأجنة لصالح الولادة. هذه الإمكانية قائمة في كندا وبريطانيا وأماكن معينة في الولايات المتحدة الأمريكية. وبخلاف التبرع بالمني أو البويضة، يدور الحديث هنا عن تبرع بأخ أو اخت محتملَيْن يحملان الشحنة الجينية للزوج. %62 من المستجوبين قالوا بأنهم كانوا سيوافقون على التبرع بالأجنة لصالح الولادة.
هذا البحث هو الأول من نوعه في صفوف السكان في إسرائيل، ويشير إلى خيار لا يوفره القانون المعمول به حاليا – التبرع بالأجنة لأغراض الولادة. هذا الخيار مفاجئ ويطرح سؤال مهم: هل التبرع بالأجنّة لأغراض الولادة هو إمكانية واردة في دولة إسرائيل؟ لا يمكن الإجابة على هذا السؤال إلا من خلال نقاش عام، وقد آن الأوان لإجرائه.
لقراءة البحث "الإبادة، التبرع لأغراض البحث، أو التبرع لأغراض الولادة؟ مواقف معالَجين ومعالَجات (بفتح اللام) حول الأجنة الفائضة في علاجات IVF في إسرائيل". يشكل هذا البحث جزءا من مشروع "التضامن في الصحة" في معهد فان لير، بقيادة د. حجاي بوعاز.
نوصي بمشاهدة محاضرات "ما قبل الأجنة الفائضة في عيادات الإخصاب خارج الرحم" (بالعبرية).